دسيدريوس إيراسموس الفيلسوف الهولندي إحدى رواد الحركة الإنسانية في أوروبا، كان يحاول جاداً إناحة قراءة الكتاب المقدس للعامة وحتى للنساء أيضاً، وهو ما كان محرماً، الشيء الذي دعا مارتن لوثر للثورة على الكنيسة الكاثوليكية، وفي كتابه هذا "حرية الإرادة" يطرح إيراسموس رؤية نقدية لآراء مارتن لوثر فيما يتعلق بالإرادة الإنسانية والكتاب في الأساس عبارة عن محاورة بين المؤلف ومارتن لوثر حول حرية الإرادة. ويحتوي "حرية الإرادة" في طياته على سبعة فصول تتحدث عن نقدٍ لاذع في حرية الإرادة والمعيار الموضوعي للحقيقة وأدلة من العهد القديم والعهد الجديد التي تدعم حرية الإرادة وأدلة مارتن لوثر ضد حرية الإرادة وملحق عن أدلة تبدو مضادة لمفهوم حرية الإرادة، والفصل الأخير هو ملخص وخاتمة. يعتبر "حرية الإرادة" نقاش عميق يبحث في أصول الفكر والفلسفة المسيحيان، ويطرح رؤية نقدية لآراء مارتن لوثر الذي (كان قائد الإصلاح الديني البروتستانتي في أوروبا) فيما يخص الإرادة الإنسانية. يعطي هذا الكتاب الصورة الطبيعية للآراء الدينية ونقيضها الذي كانت تضُجُّ به الساحة الأوروبية. وبدأ إيراسموس كتابه مؤكداً حقه في الاختلاف مع آراء مارتن لوثر بشأن حرية الإرادة أو أية قضية أخرى. ويحكي أنه سيتعجب البعض بالتأكيد من منازعة إيرايموس لمارتن، لكنه يوقف هذه الدهشة بقوله لو أنهم أعطوه وقتاً لذلك إنه لن يقسم على طاعة كلمات لوثر، ويدعو إيراسموس أن لا يعتبر أحداً اختلافه مع لوثر اختلافاً غير لائق، أو أنه أكثر من اختلاف لوجهات النظر بين رجل وآخر، وأن هذا الاختلاف لا يجب أن يثير غضب أحد، خصوصاً إن كان هناك أحدهم يواجه لوثر بالهدوء والحجة العلمية غاية بلوغ الحقيقة. يضع إيراسموس في كتابه دلالات لحرية الإرادة من الكتاب المقدس نفسه، كما يحكي عن أنه لا يملك رأياً معيناً في أي من الآراء التقليدية التي تتعلق بحرية الإرادة. ويؤكد كاتبنا أن الإرادة تتمتع ببعض الحرية. ويعترف إيراسموس أن قراءته لتأكيدات لوثر وآراءه لم تقنعه بعد، وأنه يتعاطف معه كما يتعاطف محام مع متهم واقع في موقفٍ صعب. يسعى إيراسموس في كتابه إلى التحليل وليس إصدار الأحكام والإستفسار وليس الحزم بشيء، وهو يقول بأنه مستعد للتعلم من أي شخص يطرح ما هو أكثر دقة وموثوقية، وقد يُقنع بعض أصحاب العقول المتوسطة بضرورة أن يتجنبوا الجدال العنيد في مثل هذه الأمور لأنها ستضر التوافق المسيحي أكثر مما تعين على التقوى.